
حب قاتل
اسودت الدنيا في عين الرجل، فقد أحب فتاه عذراء جميلة حتى العبادة، أحبها من أجل وداعتها ورقتها، ومن أجل شخصيتها وجمالها. فإنه ليس فيها عي
بدأ الرجل ينهار في داخله، فقد شغلت الفتاه كل أحلامه وابتلعت كل أفكاره، واشتاق أن يقتنيها زوجة له بكل ما يملك. ليس فيه عيب لكي ترفضه، فهو أحد اثرياء الإسكندرية، له من المال والكرامة، وجمال هيئته ما تتطلبه أية فتاة في عريسها، لكنها رفضته!
حاول الرجل بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة أن يجتذبها، ولكنها في إصرار كانت ترفض!
مرت الأيام، على الرجل، وكأنها سنوات طوال أو قل أجيال كاملة، لا طعم للحياة ولا فرح يقدر أن يعبر في قلبه، حتى بدأ جسده ينهار وصحته تعتل. صغرت الدنيا في عينه مادامت الفتاه بعيدا عنه!
إذ أدرك أصحابه ما آلت إليه حياة هذا النبيل أشار كل منهم عليه بحيلة، وانتهت كل الحيل بالفشل. فإن هذه الفتاة لم تنجذب بكثرة أمواله ولا صيته، ولا انثنت أمام عواطفه وتوسلاته، ولا اهتزت لدموعه، ولا اضطربت لتوعك صحته، ولا قبلت شفاعات الكثيرين من أجله!
حاول الرجل أخيرا أن يؤكد لها أن تبقى في إيمانها المسيحي كما هي وأنه يحميها من القانون، لكنها أبت أن تتزوج بغير مسيحي مهما يكن الثمن.
أخيرا لم يجد النبيل إلا أن ينثني أمام إحدى المشورات إلا وهو استخدام العنف والتهديد، فإن المسيحيين في الإسكندرية كانوا يجتازون فترة عصيبة من الضيق بسبب منشور الذي صدر اوامر مشددة بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة وطرد الموظفين المسيحيين من أعمالهم، خاصة من المراكز القيادية، وسلبهم كل حق إنساني؛ يعاملون معاملة العبيد، ليس من قانون يحميهم.
في وسط الصراع المر داخل النبيل بين رغبته الأكيدة في اقتناء هذه الحسناء وبين الإلقاء بها وسط الآلام بسبب رفضها له اقتنع أخيرا إما أن تكون له أو تموت!
أرسل الرجل إلى الفتاه أن تختصر الطريق وتقبل الزواج منه برضاها حتى لا تدخل في محاكمات مرة وتعرض حياتها لآلام قاسية ومخاطر جمة!